إحياء الأخلاق في الممارسة السلوكية عند النورسي

إحياء الأخلاق في الممارسة السلوكية عند النورسي

 

ABSTRACT

Ethical Revival in Behavioral Practices According to Nursi

Dr. Suad al-Nasir

Because ethics symbolizes the centerpiece of Islamic thought, it is a subject emphasized and discussed in all facets of the Risale-i Nur. The reason behind Nursi's analysis of ethics is to put forward the topic's origin in the Sharia. This origin shows the topic's theoretical foundation through a comprehensive and developmental frame, and the musts of precaution against its behavioral practices.

Nursi's ethics theory has its basis in two main sources, of which the first is the Quran. With respect to scholarly explanation and practice, his theory of ethics has only the sunnah alongside the Quran for reference. This makes for a beautiful model that encapsulates not only all human ethics from the last Prophet, but also the different elements that led to the creation of those ethics. In this respect, the Risales produce a lot of explanations for the field of ethics and in varying manners so as to handle the multidimensional nature of the topic.

Ethical revival in Nursian thought depends on different factors, one of which is ethics. Being an extremely comprehensive term, ethics represent Islam's spirit and motives. In addition, it includes all areas of individual and social life. Love is similar in nature - for love too is a pivotal value and necessary for a person's psychological stability and spiritual development.

* * *

 ملخص البحث

د. سعاد الناصر (أم سلمى)1

يمثّل موضوع الأخلاق مركز الرؤية الإسلامية، لهذا احتفت به رسائل النور وأَوْلَته عناية فائقة، وتهدف دراسة الجانب الأخلاقي عند النورسي إلى إبراز أصلها الشرعي، الذي يعبّر عنه بأساسها النظري من جهة، وتدبير الممارسة السلوكية بمقتضاها من جهة أخرى، في إطار تكاملي شامل يجعل منها بنيانا مرصوصا يتيح إمكانات التحليل والمقارنة، وتستمد نظريته الأخلاقية من مصدرين أساسيين هما: القرآن الكريم، فلا مصدر ولا أستاذ ولا مرجع لها بعد القرآن العظيم غير السنة النبوية الشريفة باعتبارها البيان العلمي والتطبيق العملي بتوجيه من القرآن الكريم، فمن الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلـم نستمد القدوة الحسنة لكل الأخلاق الإنسانية ولصالح كلّ مكوّناتها، من هنا فصّلت رسائل النور في ميدان الأخلاق ونوّعت الأساليب، حتى يكاد موضوع الأخلاق في الرسائل مستوعبا لجلها. وينبني إحياء الأخلاق في الممارسة السلوكية عند النورسي على مجموعة من الضوابط منها العدل الذي هو مفهوم شامل، يعبر عن روح الإسلام ومقاصده، ويستغرق جميع مناحي الحياة الفردية والاجتماعية. وكذا المحبة التي هي قيمة محورية تكون أساسا لاستقرار الإنسان النفسي وارتقائه الروحي.

* * *

لا تنبع قيمة الاشتغال بموضوع الأخلاق من كونها تحتل رؤية مركزية في المنظومة الإسلامية، فقط، ولكن، ولربما بدرجة أعمقَ، لأنها مجال خصب لتقليب النظر، وانتهاج منهجيات متعددة في التناول والتحليل، وهي مناسبةٌ لإبراز المفارقات المهولةِ بين رؤية القرآن والسنة، وبين مآلات تمثُّل الأخلاقِ والاهتداءِ بهديها في واقع المسلمين. وإذ إنه من العسير أن يتم تناولُ موضوعِ الأخلاق في شموليته وتعدد منهجياته خلال مداخلة مختصرة في الزمان والأهداف والأفكار، فلا بأس أن يصار إلى منطق الأولويات، فيُشرعَ في إبراز الرؤية الفلسفية للأخلاق عند النورسي، ومدى إسهامه في تنزيلها على الواقع والممارسة السلوكية، وجعلها بنيانا مرصوصا يتيح إمكانات التحليل والمقارنة.

وقد حاولت تتبعَ مواردِ حديثِ النورسي عن الأخلاق في العديد من رسائله، فلاحظت، استقراءً، أن نظريته الأخلاقيةَ تقوم على مصدرين أساسيين:

1- القرآن الكريم

باعتبار "أن الرسائل ليست كالمؤلفات الأخرى التي تستقي معلوماتها من مصادرَ متعددةٍ من العلوم والفنون. فلا مصدرَ للرسائل إلا القرآنُ، ولا أستاذَ لها إلا القرآنُ، ولا ترجع إلا إلى القرآن، ولم يكن عند المؤلف أيُّ كتاب آخرَ حين تأليفها. فهي ملهمةٌ، مباشرةً، من فيض القرآن الكريم، وتنزل من سماء القرآن ومن نجوم آياته الكريمة".2 كما "أنها برهان باهر للقرآن الكريم، وتفسير قيم له، وهي لمعة براقة من لمعات إعجازه المعنوي، ورشحة من رشحات ذلك البحرِ، وشعاع من تلك الشمس، وحقيقة ملهمة من كنز علم الحقيقة، وترجمة معنوية نابعةٌ من فيوضاته".3 وباعتبار أن القرآن الكريم الحقيقةُ المطلقة والمركزية عند المسلمين التي تحتوي رسالةَ اللّٰه المتميزةَ بدلالات قيمتها الثابتة والدائمة، من مرتكزاتها منظومةٌ أخلاقية متكاملة تعقد الصلة بين الإنسان وخالقه، وبينه وبين الكون من حوله ابتداء من ذاته إلى مجتمعه إلى أخيه الإنسان أينما كان إلى الطبيعة من حوله، يمكن أن نلخصها بأنها نظام الأخلاق الذي يطبع صورةَ الروح الإنسانية بماهيتها، ويسلك بها مدارجَ التربية والمجاهدة، لاكتساب معناها الكوني، أي أن الأخلاق نظام ونسق كلي تقوم عليه تصرفات الإنسان وعلاقاته في هذا الكون.

2- السنة النبوية

باعتبارها القدوةَ الحسنة أو التطبيق العملي لكل الأخلاق الإنسانية المتضمنة في القرآن الكريم، بحيث يمثل صلى الله عليه وسلـم واقعا حيا وسلوكا طبيعيا يزاوج بين القول والفعل، يقول النورسي: "إن أعظم معجزة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلـم بعد القرآن الكريم هو ذاته المباركة، أي ما اجتمع فيه صلى الله عليه وسلـم من الأخلاق السامية، والخصال الفاضلة، وقد اتفق الأعداء والأولياء على أنه أعلى الناس قدراً، وأعظمهم محلاً، وأكملهم محاسن وفضلا"،4 ويقول في نص آخر مبينا كمال أخلاقه صلى الله عليه وسلـم: "لما كان الرسول صلى الله عليه وسلـم قد خُلق في أفضل وضع وأعدلِه، وفي أكمل صورة وأتمها، فحركاته وسكناته قد سارت على وفقِ الاعتدال والاستقامة، وسيرتُه الشريفة تبين هذا بيانا قاطعا وبوضوح تام بأنه قد مضى وفق الاعتدال والاستقامة في كل حركة من حركاته، متجنبا الإفراط والتفريط".5

ولعله من الطبيعي أن يُعتمد هذان المصدران من قبل النورسي، لكن خصوصيةَ النورسي هنا لا تنحصر في الاستشهاد بنصوص القرآن والسنة، وإنما يتجاوز ذلك إلى جعل هذين المصدرين حاكمين في قراءة مختلِف القيمِ الأخلاقية وخلفياتها الفلسفية عند الغرب وغيره، فمصدرية القرآن والسنة في النظرية الأخلاقية النورية مصدريةٌ حاكمة، وليست مصدريةً شاهدة. وهي بذلك تنفي أن تكون القيمُ الأخلاقية شخصية المنشأ، وإنما مصدرها اللّٰه تعالى، لأنه تعالى لم يخلق الإنسان ويلقِ به في محيط الأوامر والنواهي، وإنما غرس فيه استعدادا فطريا لاستقبالها وتوجيهِ تصريفها خيرا أو شرا، وزوده بقوى مختلفةٍ ليؤدي وظيفة القصد من خلقه، يقول مشبها له بالبذرة: "فقد أودعت في ماهيته أجهزةٌ مهمة من لدن القدرة الإلهية، ومنح برامجَ دقيقةً وثمينة من لدن القدر الإلهي، فإذا أخطأ هذا الإنسان التقديرَ والاختيار، وصرف أجهزته المعنوية تحت ثرى الحياة الدنيا وفي عالم الأرض الضيق المحدود، إلى هوى النفس، فسوف يتعفن ويتفسخ كتلك البذرةِ المتعفنة. (...) أما إذا ربى الإنسان بذرةَ استعداده وسقاها بماء الإسلام، وغذاها بضياء الإيمان تحت تراب العبودية موجها أجهزتهَا المعنوية نحو غاياتها الحقيقية بامتثال الأوامر القرآنية، فلا بد أنها ستنشق عن أوراق وبراعمَ وأغصان تمتد فروعها وتتفتح أزاهيرُها..."6 ويضيف في مناسبة أخرى:

"إن الإنسان أُرسل إلى الدنيا ضيفا وموظفا، ووُهبت له استعداداتٌ مهمة جدا، وعلى هذا أُسندت له وظائفُ جليلة، وليكد وليسعى لتلك الغايات والوظائف العظيمة فقد رغّب ورهّب لإنجاز عمله، ولهذا فإن وظيفتَه (أي الخليفة) ليست الانهماكَ بالحياة الدنيا والاهتمام بها كالحيوانات، وإنما السعيُ والدأب لحياة خالدة".7

ونتيجةً لحاكمية هذين المصدرين في النظرية الأخلاقية النورية، صار النورسي لا يتحدث عن خلق ولا يفسر خلقا ولا يربط خلقا بخلق ولا يجعل خلقا سببا لخلق ولا نتيجةً له إلا وهو يستحضر نصوصَ القرآن والحديث، مما يعني أن هذه النصوصَ لا تقدم له شهادةً عن دلالات الأخلاق فحسب، وإنما تعطيه منهجَ التعامل مع الأخلاقِ وفلسفتِها وطبيعتِها ودورِها في ضبط السلوك وتوجيهه.

من هنا كان حديثُه عن الأخلاق طويلا ومتشعبا، يستوعب الرسائلَ كلَّها، فكانت كأنها ترجمة معبرة لقول رسول اللّٰه "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".8

ويبدو أن أحسن وسيلةٍ إلى تمثل مفاهيمه الأخلاقيةِ وطبيعتها ودورها، هو أن تسلكَ في صِنافةٍ تعتمد الأصولِ الأخلاقيةِ الكبرى، وتُلحقَ بها فروعُ الأخلاقِ، في منهجية تعتمد الأصل والفرع، والسبب والنتيجة، والمقدمة والغاية. وهكذا تمدنا هذه المنهجية بأن الأصول الأخلاقية عند النورسي هي:

العدالة وهي أصل يضم الأخلاقَ الآتية: الصدق والوفاء، والصبر، الصفح، الشجاعة، التسامح، التساند،

المحبة وهي أصل أخلاقي يضم الأخلاق الآتية: الأمل، والإخاء، والتواضع، الإخلاص، الحلم، النصح،

أولا: العدل (باعتباره خلقا سلوكيا أصليا، ينتج عنه مجموعةٌ من الأخلاق السلوكية الفرعية)

يعتبر النورسي أن مقاصد القرآن الأساسيةَ وعناصرَه الأصليةَ المبثوثة في كل جهاته "أربعةٌ: إثباتُ الصانع الواحد، والنبوةُ، والحشر الجسماني، والعدل".9 والناظم لرسائل النور هو روح الإسلام التي تشع بدلالات العدل واحتشاد معانيه في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، من أجل إصلاح الذات الإنسانية ومراجعة نسقها القِيمي الذي يتحكم في أفعالها، وفي الفعل الاجتماعي بشكل عام. لذا كان الأمر بالعدل ومقاومةِ الظلم صريحا لا يحتاج إلى تأويل في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾.النحل:90 وهذا يعني إحياءَ هذه القيمةِ في الحياة الإنسانية، والعملَ على تحقيقها في عالم الواقع. فالعدل مفهوم شامل، يعبر عن روح الإسلام ومقاصده، ويستغرق جميعَ مناحي الحياة الفردية والاجتماعية، بكل مساربها وتشعباتها، ويشملُ الكونَ والإنسان وسائرَ الكائنات، ويصبغها بصبغة الحق. ولذلك يعد من أهم القواعدِ التي تنتج عنها مجموعةٌ من الأخلاق التي تؤدي إلى سلوكيات معينة، من حيث إعطاءُ كلِّ ذي حق حقَّه. وتقود الإنسان إلى تجاوز الممارسات المفضيةِ إلى الجَور والعسف، إذ إن معظمَ الشرور تأتي نتيجةَ الإحساس بالظلم وعدم المعاملةِ المتساوية بين الناس جميعاً. من هنا كان مفهوم العدالة عند النورسي يقتضي المساواةَ في الحقوق والواجبات في حقِّ الخالق والخلق، قال: "إن العدالة التي لا مساواةَ فيها ليست عدالةً".10 ويفرق بين المفهوم القرآني للعدالة، ومساواتِها للناس وحمايتها لكل فرد من أفراد المجتمعات الإنسانية، وبين من تمكنت الأنانية من نفسه فقال: "العدالة القرآنية المحضة لا تهدُر دم بريء ولا تزهق حياته حتى لو كان في ذلك حياةُ البشرية جمعاء، فكما أن كليهِما في نظر القدرة سواءٌ، فهما في نظر العدالة سواء أيضا. ولكن الذي تمكن فيه الحرص والأنانية يصبح إنسانا يريد القضاء على كل شيء يقف دون تحقيق حرصه حتى تدميرَ العالم والجنس البشري إن استطاع".11 فالذي لا يتخلق بقيم العدل إنسان تتحكم فيه الأنانية والظلم والعداء، ويصبح لزاما عليه إصلاحُ نفسه، لأنه منبعُ الشرور الأخلاقية، وبالتالي وجب عليه إصلاحُ أنانيته التي هي مصدرٌ لمصائبَ ومعاصيَ كثيرةٍ، أشنعُها وأكثرها سوءً المصيبةُ الدينية، والتي تتمثل في الكفر سببِ كل الشرور.

وأي أخلاق أو تنظيم أو جمال في المجتمع يرجع بالأساس إلى خلق العدالة وروحها المستمدة من تجليات الأسماء الحسنى: "وقد ثبت ببراهين دامغةٍ في أغلب أجزاء رسائل النور أن فعل التنظيم والنظام الذي هو تجل من تجليات الحِكم والحكيم، وأن فعل الوزن والميزان الذي هو من تجليات العدل والعادل، وأن فعل التزيين والإحسان الذي هو تجل من تجليات اسم الكريم والجميل، وإن فعل التربية والإنعام الذي هو تجل من تجليات اسم الرب الرحيم، كل فعل من هذه الأفعال هو فعلٌ واحد، وحقيقة واحدة، تشاهد بوضوح في آفاق الكون كلِّه".12

وإذا لم نستطع الإحاطة بكل الأخلاق المتفرعة عن العدل التي ركز عليها النورسي يمكن أن نتوقف عند خلق الصدق، يقول النورسي: "الصدق هو أس أساس الإسلام، وواسطة العقد في سجاياه الرفيعة ومزاجُ مشاعره العلوية. فعلينا أن نحيي الصدق الذي هو حجر الزاوية في حياتنا الاجتماعية في نفوسنا ونداوي به أمراضنا المعنوية".13

ثانيا: المحبة: باعتباره أصلا أخلاقيا ثانيا يتفرع عنه مجموعة الأخلاق:

الأصل الثاني في الأخلاق هي المحبة، وعنها تتفرع مجموعة من القيم الأخلاقية، يقول مخاطبا نفسَ الإنسان: "يا نفسيَ المحبةَ لنفسها، ويا رفيقي العاشقَ للدنيا، اعلمي أن المحبة سببُ وجود هذه الكائنات، والرابطةُ لأجزائها وأنها نور الأكوان وحياتها. ولما كان الإنسان أجمع ثمرةٍ من ثمرات هذا الكون، فقد أُدرجت في قلبه -الذي هو نواة تلك الثمرة- محبةٌ قادرة على الاستحواذ على الكائنات كلها".14

ان النورسي ينظر إلى خلق المحبة بصفته قيمةً محورية تكون أساسا لاستقرار الإنسان النفسي وارتقائه الروحي، كما تكون نواةً تنبت مجموعةً من القيم الأخلاقية الأخرى كالإخلاص والإخاء والحلم وغيرها، ويستهدفه بوصفه أسلوبا ناجعا من أساليب التربية والسلوك الذي يصلح النفسَ ويسعى بها إلى إصلاح المجتمع وتغليب الخير فيه. قال:

"إن لم تكن تصرفات المؤمن وحركاتُه وفق الدساتير السامية التي وضعها الحديث الشريف: الحب في اللّٰه والبغض في اللّٰه والاحتكام إلى أمر اللّٰه في الأمور كلها، فالنفاق والشقاق يسودان.. نعم إن الذي لا يستهدي بتلك الدساتير يكون مقترفا ظلما في الوقت الذي يروم العدالة".15

وهذا الخلق لا يجب أن يظل عائما أو خاضعا لمثاليات غيرِ محققة، وإنما يعتبر معطلا فاقدا لفاعليته إذا لم يسند إلى عمل ملموس ينتفع به الفرد وتنتفع به الأمة، فيقوم النورسي باستقراء النصوص وتعديتها إلى واقع المسلمين وحياتهم الخاصة والعامة، ابتداء من الزوجة والأبناء والوالدين إلى أفراد الأمة، بل الإنسانية جمعاء، وصولا إلى محبة اللّٰه صلى الله عليه وسلـم. وأواصر المحبة المفضيةِ إلى الأخوة والتعاون والوحدة ليست شكليةً أو لسانية، وإنما تستمد نبعها من القرآن الذي تنتظم كلَّ آية منه روحُ المحبة وذوقُها. ولما كان العداء ظلما فإنه والمحبةَ نقيضان،16 ولعل أحسنَ الثمرات التي تنضج في قلب محب ونفس تواقة إلى المحبة خلق الإخلاص، فالإنسان الذي تشع المحبة الحقيقية منه يتجرد من أنانيته ومن غروره وإعجابه بنفسه ومن ريائه ومن حسده وغيرته ومن مختلف الأمراض التي تسري منه إلى المجتمع فتنخره وتفتك به. وقد حدد النورسي تسعة عناصر يستطيع بها الإنسان أن يظفَر بالإخلاص، وهي تدور حول غايتين اثنتين: العدالة والمحبة.17

فالأصل في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، أن تكونَ علاقاتٍ قائمةً على المحبة والمودة والتآلف، حتى ولو تباينت الأفكار والمواقف، بل إن هذا التباينَ هو الذي يؤكد ضرورة الالتزام بهذه القيم والمبادئ.

يقول: "لا تجد في القرآن آيةً إلا توحي بمحبة شديدةٍ للّٰه.. وفيه حث كبير على الفضيلة -خلا تلك القواعدَ الخاصةَ بالسلوك الخلقي- وفيه دعوة كبيرة إلى تبادل العواطف، وحسن المقاصد، والصفح عن الشتائم، وفيه مقت للعجب والغضب، وفيه إشارة إلى أن الذنب قد يكون بالفكر والنظر، وفيه حض على الإيفاء بالعهود حتى مع الكافرين، وتحريض على خفض الجناح والتواضع، وعلى استغفار الناس لمن يسيئون إليهم، لا لعنِهم. ويكفي جميعُ تلك الأقوال الجامعة، المملوءة حكمة ورشداً، لإثبات صفاءِ قواعد الأخلاق في القرآن. إنه أبصر كلّ شيء".18

أركان النظرية الأخلاقية النورية

يستوحي النورسي نظريته من المنظومة الأخلاقية المبثوثة في القرآن الكريم، المتميزة بمخاطبتها للإنسان في أبعاده كلها، والمطبقة بنوع من الكمال والجمال في شخصية محمد صلى الله عليه وسلـم، بوصفه مربيا ومرشدا، ومثلا وقدوة. من هنا كان خطاب النورسي يتضمن الكلياتِ الأخلاقيةَ، ويتميز بشموليته وواقعيته وكليته، فيتجه إلى كل إنسان ابتداء من نفسه وتقديمها قدوة. فالأخلاق عنده ليست مثالية أو نظرية، وإنما هي أخلاق عملية، أي تنبني على العمل، وتنتج عملا، تجعل المسلم يعيش متوازنا، ينسجم إيمانه واقتناعه وتصوره مع ممارساته السلوكية والعملية. لذا تنقسم الأخلاق عنده إلى أخلاق قلبية كالمحبة وأخلاق سلوكية كالعدل، تصب كل منهما في الأخرى، فالأخلاق القلبية تطهر النفس وترتقي بها، فلا يصدر عنها إلا أفعالٌ منضبطة بالأخلاق السلوكية باعتباره لها الضابطة.19 ويرى أن أس أساس الفساد والظلم كلمة واحدة: "إن شبعت فلا عليّ أن يموت غيري من الجوع"، وأن منبع الأخلاق الرذيلة كلمة واحدة أيضا: "اكتسب أنت لآكل أنا، واتعب أنت لأستريح أنا"،20 وهي دلالات سارية في المجتمع الإنساني، تدفع إلى الحقد والحسد والصراع

ولعل التحديداتِ التاليةَ تكشف عن أركان النظرية الأخلاقية عند النورسي:

-الأخلاق بين الذاتية والإلزامية: إن "ممارسة الأخلاق قد تتبع أحد طريقين: إما طريق الإلزام الذي هو عبارة عن جملة من الأوامر والنواهي التي تُفرض من الخارج على إرادة الإنسان، وإما عن طريق الاعتبار الذي هو عبارة عن جملة من المعاني والقيم التي يستنبطها الإنسان تلقائيا مما يشهده من أفعال ويتلقاه من أقوال".21 وقد وثق القرآن الصلة بين التوق الذاتي للتخلق والاستجابة للخطاب الإلهي، من خلال الإتيان بالأوامر والنواهي في سياق المحبة وكسب رضا اللّٰه عز وجل، وذلك من قبيل قوله تعالى: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾البقرة:195 وقوله: ﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾آل عمران:76 وهذا يكشف أن المنظومة الأخلاقية الإسلامية ليست سيفا مسلطا على الرقاب وضعت لإلزام الخلق وإرهابهم وإنما من أجل جعلها سماتٍ أساسيةً في شخصية المسلم ومقوما لسلوكياته ومحفزا لها، وقد كان النورسي مستوعبا العلاقة القائمة بين حقيقة الإيمان والتخلق، فالمسلم لا يأتي الأخلاق ملزما أو مكرها عليه لأنه لا خيار لديه، وإنما لأن نفسه متشبعةٌ بها، فتصدر عنه في كل سلوك يسلكه أو عمل يقوم به، حيث إن القرآن يجد الحلول لجميع القضايا، ويربط ما بين القانون الديني والقانون الأخلاقي، ويسعى إلى خَلق النظام، والوحدة الاجتماعية، وإلى تخفيف البؤس والقسوة والخرافات. إنه يسعى إلى الأخذ بيد المستضعفين، ويوصي بالبر، ويأمر بالرحمة. وفي مادة التشريع وضع قواعد لأدق التفاصيل للتعاون اليومي، ونظم العقود والمواريث، وفي ميدان الأسرة حدد سلوك كلِّ فرد تُجاه معاملة الأطفال والأرقاء والحيوانات والصحة والملبس... الخ. فهذه ممارسات خلقية وليست مجرد قوانينَ ملزمةٍ.

الأخلاق بين الفردية والكونية: يشترك جميع البشر في الفطرة، يقول تعالى: ﴿فِطْرَةَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّٰهِ﴾،الروم:30 فالإنسان بفطرته يميز بين ما هو خير وما هو شر، من هنا يمكن اعتبار الأخلاقِ كونيةً، يقول النورسي: "إذا كانت الأخلاق فطرة فطر عليها الإنسان، فإن دور الدين يتمثل في تثبيت هذه الفطرةِ وتكميلها وتهذيبها".22 والبناء الأخلاقي للإنسان يتطلب الحرية الفردية، والتي هي حرية القرار، والمسلم يمارس حريته الفردية من خلال عبوديته الخالصة للّٰه عز وجل، ويتحمل مسؤولية وجوده الإنساني، ويسعى إلى آفاق الكون من خلال ارتباطه الخلقي به، قال النورسي: "إن لكل أحد علاقاتٍ بالمحبة والشفقة مع أقاربه ثم مع أفراد عشيرته، ثم مع أفراد ملته، ثم مع أفراد نوعه، ثم مع أبناء جنسه، ثم مع أجزاء الكائنات، بحيث يمكن أن يتألم بمصائبهم، ويتلذذ بسعادتهم، وإن لم يشعر"،23 وهي رؤية كونية ترفع الإنسان بمعراج الخلق؛ ليرتبط بعلاقات المحبة والشفقة؛ مع جميع الكائنات في هذا الكون الفسيح. فتمتد أخلاقه بذلك لتسع الكون كلَّه.

-الأخلاق بين العمومية والنسبية

وتطبيق الأخلاق عمليا مسألة نسبية، قد يختلف تطبيقها من شخص إلى آخر، ومن موقف إلى آخر قال: "إن الفضائل والأخلاق، وكذا الحسن والخير، أغلبها أمور نسبية، تتغير كلما عبرت من نوع إلى آخر، وتتباين كلما نزلت من صنف إلى صنف، وتختلف كلما بدلت مكانا بمكان، وتتبدل باختلاف الجهات، وتتفاوت ماهيتها كلما علت من الفرد إلى الجماعة، ومن الشخص إلى الأمة. فمثلا: الشجاعة والكرم في الرجل تدفعانه إلى النخوة والتعاون، بينما تسوقان المرأة إلى النشوز والوقاحة وخرق حقوق الزوج. ومثلا: إن عزة النفس التي يشعر بها الضعيف تجاه القوي، لو كانت في القوي لكانت تكبرا، وكذا التواضع الذي يشعر به القوي تجاه الضعيف، لو كان في الضعيف لكان تذللا، ومثلا عن جدية ولي الأمر في مقامه وقار، بينما لينه ذلة، كما أن جديته في بيته دليل على التكبر، ولينه دليل على التواضع..."24 وهكذا يقدم مجموعة من الأمثلة التي تبين نسبية تطبيق الأخلاق، ويقول أيضا: " عليك أن تصدق في كل ما تتكلمه ولكن ليس صوابا أن تقول كل صدق، فإذا ما أدى الصدق أحيانا إلى ضرر فينبغي السكوت، أما الكذب فلا يسمح به قطعا، عليك أن تقول الحق في كل ما تقول ولكن لا يحق لك أن تقول كل حق، لأنه إن لم يكن الحق خالصا فقد يؤثر تأثيرا سيئا فتضع الحق في غير محله".25

نقد النورسي للازدواجية الأخلاقية

يعتبر النورسي أن استناد الحضارة على الأساس المادي المصلحي انحرف بها عن القصد من الخلق، وصادم توجه الفطرة الإنسانية، وجنح بها نحو الظلم والاستغلال. ولذا يقدم طبيعة الفرق بين تربية القرآن وتربية الفلسفات المادية، ولعل هذا النص على طوله، يقدم الفرق بين النظرية الغربية والنظرية الإسلامية:

أن حكمة الفلسفة ترى "القوة" نقطة الاستناد في الحياة الاجتماعية.

وتهدف إلى "المنفعة" في كل شيء.

وتتخذ "الصراع" دستوراً للحياة.

وتلتزم "بالعنصرية والقومية السلبية" رابطة للجماعات.

أما ثمراتها فهي اشباع رغبات الاهواء والميول النفسية التي من شأنها تأجيج جموح النفس واثارة الهوى.

ومن المعلوم أن شأن "القوة" هو "الاعتداء"... وشأن "المنفعة" هو "التزاحم" اذ لا تفي لتغطية حاجات الجميع وتلبية رغباتهم.. وشأن "الصراع" هو "النزاع والجدال".. وشأن "العنصرية " هو "الاعتداء" اذ تكبر بابتلاع غيرها وتتوسع على حساب العناصر الأخرى -ومن هنا تلمس لِمَ سُلبت سعادةُ البشرية، من جراء اللهاث وراء هذه الحكمة- أما حكمة القرآن الكريم، فهي تقبل "الحق" نقطة استناد في الحياة الاجتماعية، بدلاً من "القوة".. وتجعل "رضى اللّٰه سبحانه" ونيل الفضائل هو الغاية، بدلاً من "المنفعة".. وتتخذ دستور "التعاون" أساساً في الحياة، بدلاً من دستور "الصراع"... وتلتزم برابطة "الدين" والصنف والوطن لربط فئات الجماعات بدلاً من العنصرية والقومية السلبية.. وتجعل غاياتها الحد من تجاوز النفس الامارة ودفع الروح الى معالي الامور، واشباع مشاعرها السامية لسوق الإنسان نحو الكمال والمثل الانسانية.

إن شأن "الحق" هو "الاتفاق"... وشأن "الفضيلة" هو "التساند"... وشأن دستور "التعاون" هو "اغاثة كل للآخر"... وشأن "الدين" هو "الأخوة والتكاتف".. وشأن "إلجام النفس" وكبح جماحها وأطلاق الروح وحثها نحو الكمال هو "سعادة الدارين".26

يكشف لنا هدا النص المعطيات التالية: القوة في مقابل الحق، العدل في مقابل الظلم، المنفعة مقابل رضا اللّٰه، الصراع في مقابل التعاون. وهذه الازدواجية طبعت الوجدان الفلسفي المادي وحكمت عليه بالمنفعة الذاتية.

رسالية الأخلاق عند النورسي

عادة ما يفهم في الرسالية الدعوة الكلامية للآخر عن طريق إيصال الدين إليه، وإقناعه به عبر مختلف وسائل الإقناع الكلامية والحجاجية، لكن النورسي يقدم بعدا جديدا لمفهوم رسالة الدين ويتمثل ذلك بتأكيده أن الرسالية تتم بتمثل أخلاق القرآن وممارستها أكثر مما تتم بالكلام والقول والإقناع اللفظي، وهذا يعني أن رسالية الأخلاق معطى سلوكي قبل أن يكون قولي، بل إنه يجعل من هذه الرسالية الأخلاقية محفزا ودافعا لدخول الناس إلى الإسلام، وهذا واضح في قوله بأسلوبه الشرطي الجازم المؤكد: "لو أننا أظهرنا بأفعالنا وسلوكنا مكارم أخلاق الإسلام وكمال حقائق الإيمان لدخل أتباع الأديان الأخرى في الإسلام جماعات وأفواجا".27

إن حسن الخلق والتعامل الأخلاقي والحضاري مع الآخرين، قد يحولهم من موقع العداوة والخصومة إلى موقع الولاء والانسجام، يقول تعالى: ﴿وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾فصلت:34 والشخصية المطلوبة التي تمثل الإسلام وقيم القرآن هي المتخلقة بأخلاق القرآن28 التي يمكن لها أن تعيد بناء حضارة إنسانية تتناغم فيها الأخلاق بين التصور والسلوك. وأختم بقول النورسي رحمه اللّٰه: "إن مقام الإنسان الراقي وتفوقه على سائر الأحياء، وامتيازه عليها إنما هو لسجاياه السامية".29

* * *

الهوامش:

1 جامعة عبد المالك السعدي، تطوان-المغرب.
2 النورسي، بديع الزمان سعيد، الملاحق، ملحق قسطموني، ص221 ترجمة إحسان قاسم الصالحي، سوزلر، إسطنبول 1995.
3 نفسه، ص220.
4 النورسي، بديع الزمان سعيد، المكتوبات، ص 236 ترجمة إحسان قاسم الصالحي، سوزلر، إسطنبول 1992.
5 النورسي، بديع الزمان سعيد، اللمعات، ص95 ترجمة إحسان قاسم الصالحي. سوزلر، إسطنبول 1993.
6 النورسي، بديع الزمان سعيد، الكلمات، ص362-363 ترجمة إحسان قاسم الصالحي، سوزلر، إسطنبول 1992.
7 نفسه.ص371.
8 رواه مالك في الموطأ بلاغاً عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عبد البر متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره. منها ما رواه احمد والخرائطي في أول المكارم بسند صحيح عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق... (باختصار عن كشف الخفاء للعجلوني 1/211)
9 النورسي، بديع الزمان سعيد، صيقل الإسلام، ص29 ترجمة إحسان قاسم الصالحي، سوزلر، إسطنبول 1995.
10 المكتوبات، ص611.
11 المكتوبات. ص 608.
12 اللمعات. ص 519.
13 صيقل الإسلام. ص506.
14 الكلمات. ص 410.
15 المكتوبات ص348
16 انظر: المكتوبات. ص340.
17 انظر اللمعة 20 و21 من اللمعات التي خصصها للإخلاص.
18 النورسي، بديع الزمان سعيد، إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز، ص272 تحقيق إحسان قاسم الصالحي. سوزلر، إسطنبول 1994.
19 انظر اللمعة الحادية والعشرين من اللمعات التي يشرح عمليا كيفية ارتباط الإخلاص بوصفه خلقا قلبيا بالعمل والسلوك.
20 الكلمات ص 474.
21 سؤال الأخلاق. طه عبد الرحمن. ص 156. المركز الثقافي العربي.
22 صيقل الإسلام، ص 85.
23 المثنوي العربي النوري. ص.448.
24 صيقل الإسلام، ص.333.
25 صيقل الإسلام ، ص: 508
26 الكلمة الثانية عشرة.
27 صيقل الإسلام، ص : 493.
28 انظر: الكلمات. ص642.
29 الشعاع الحادي عشر. ص 279.


 

أرشيف ملف العدد

11 - وقفات مع بعض عناصر القوة المعنوية
. التزكية وتدبير الخلاف وأثرهما في وحدة الأمة عند سعيد النورسي
. العناصر الفكرية والفنية والنفسية في منهج الأستاذ النورسي في التفسير
. العمل الإيجابي ومنزلته في دعوة النور
. مقومات المجتمع الإنساني الآمن من منظور رسائل النور
. إحياء الأخلاق في الممارسة السلوكية عند النورسي
. مناهج التبليغ عند ورثة النبوة من منظور رسائل النور
10 - عنوان الملف: الأخلاق والوراثة
. المجاهدة والتوريث عند النورسي
. أواصر العناصر الكونية من منظور الأستاذ النورسي
. قاعـدة "الفنـاء في الإخـوان" في فكر بديـع الزمـان
9 - المقاصد في رسائل النور
. أساسيات منهج الفكر المقاصدي عند النورسي
. المقاصد القرآنية في فكر النورسي
. مقاصد القرآن من خلال رسائل النور
8 - أسرار العبرة والتعبير في رسائل النور
. منهج النورسى في شرح أسماء الله الحسنى
. نحو رؤية جديدة للدلالة النفسية لأسلوب التكرار في القرآن الكريم
. التاريخ عند بديع الزمان سعيد النورسي دراسة في التمثل والتفسير
. قواعد في تفسير القرآن عند النورسي من خلال إشارات الإعجاز
7 - النورسي والتصوف
. النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر
. نظرات في الأدب الصوفي عند النورسي
. بديع الزمان سعيد النورسي والتصوف
. أهمية روحانية النورسي المتبصرة في عالم مادي متأزم
6 - دعوة رسائل النور
. دعوة رسائل النور: هل هي حركة؟ أم جمعية؟ أو جماعة؟
. المنهج العوفي وإعلاء كلمة الله عند بديع الزمان
. التبليغ والارشاد في رسائل النور
. العمل الإيجابي القاعدة الثابتة لعمر مديد
. المرأة الإصلاحية في فكر الشيخ النورسي
5 - الرؤية الحضارية في رسائل النور
. من الأسس الفكرية والحضارية في رسائل النور
. البعد العقدي لبنية الإنسان في فكر النورسي
. منهجيّة الاهتمام بعبادة التّعمير، سؤال استعادة الأمة وظيفة الشهادة عند الأستاذ النورسي
. الرؤية الحضارية من خلال رسالة الاقتصاد
. قراءة تحليلية في النظرة النورية إلى المسألة الغربية
4 - أسس التربية في رسائل النور
. تربية النفوس عند بديع الزمان النورسي
. المقاصد العملية للتربية السلوكية عند بديع الزمان النورسي
. منهج التربية عند النورسي
. من ملامح التربية السلوكية عند النورسي
. الحكمة وفصل الخطاب في منهج التربية عند النورسي
3 - أسس التربية في رسائل النور
. القرآن العظيم مصدراً للتربية السلوكية عند بديع الزمان النورسي
. التربية السلوكية عند النورسي
. الأبعاد التربوية لدرس العقيدة عند النورسي
. التجرد ونبذ الأنانية عند النورسي
. بديع الزمان سعيد النورسي ومشروعه الإصلاحي في التربية والتعليم
2 - التعليم في رسائل النور
. كتاب الكون قراءته وموقعه وتطوره في فكر بديع الزمان
. الخلفية البراديغمائية لأزمة البيئة والتوجه العلمي الكوني عند النورسي
. موقع نظرية العلم في عملية الاستخلاف والتحضر عند النورسي
. التعليم طريقا للتحضر، قراءة في رسائل النور
1 - المنهجية في رسائل النور
. منهج النورسي في إحصاء أسماء الله الحسنى
. عالم الغيب في المنظور النورسي
. منهج النورسي في التعامل مع الأسماء الإلهية الحسنى
. مقاصد الحياة وغاياتها في فكر سعيد النورسي من خلال رسائل النور
. المنهج الواقعي في دراسة قضايا الإيمان رسائل النُّورْسي أنموذجا

النور للدراسات الحضارية والفكرية
 المركز الرئيسي:  

Kalendarhane Mah. Delikanli Sk. No: 6
Vefa 34134 Fatih - Istanbul / TURKIYE
 Phone: +90 212 527 81 81 - Fax: +90 212 527 80 80