
الإصدارات
قراءة في كتاب:
عنوان الكتاب: منهج الاستنباط من القران الكريم عند سعيد النورسي في رسائل النور
المصنف: حيدر خليل اسماعيل
مؤسسة النشر: مؤسسة الرسالة ناشرون
سنة النشر: الطبعة الأولى (١٤٣٦هـ -٢٠١٥ م )
حجم المصنف: ٤٩٦ صفحة
التعريف بالكتاب: يستهل البحث بتأكيد الباحث على أن الأستاذ النورسي تتلمذ على القرآن متخذاً إيّاه أستاذاً ومعلماً لا يحيد عنه، فأوقف عمره لنصرته جملة وتفصيلا، جاعلا منه نقطة الاستناد ومنبع الاستمداد؛ فاستلهم منه مناجيا ومتدبرا ومستنطقا، لأنّه نظام محكم وظيفي، أجزاؤه تمثل وحدة متكاملة تؤدي رسالة كاملة ولا يكون ذلك إلا عن طريق استخراج الأسرار القرآنية وإيضاح المعاني الإيمانية من نصوص آيات كتاب الله المبين، قال النورسي: (إنّ وظيفتنا في الوقت الحاضر هي استخراج الأسرار القرآنية واستنباطها، لا نقل المسائل الموجودة في بطون الكتب)، وعلى هذا الأساس فسّر آيات كتاب الله تعالى ووضّح معانيها وأبرز حقائقها الإيمانية في "رسائل النور".
بناء على هذه المعطيات تمّ اختيار الموضوع تلخصت أسبابه في جانبين الأول يتعلق بعلم الاستنباط، والثاني يتعلق برسائل النور.
1-علم الاستنباط: يتعيّن الحثّ على تحصيل علم الاستنباط ونشره وإيضاح معالمه، لأنّه وسيلة خدمة القرآن الكريم وميسّر تدبر آياته التي تثوي فيها الأسرار والمعاني والأحكام. وفرض هذا المسعى التمييز بين المصطلحات المشابهة، رفعا للتداخل الحاصل بينها، فبسطنا القول في الاستنباط والتفسير والتأويل والاستدلال، وجعلنا هذا البحث مدخلا لتحديد ملامح منهج اقترحه الباحث في دراسة استنباطات المفسرين تيسيرا للباحثين الذين يرومون الكتابة في الموضوع نفسه.
2- رسائل النور: يوضّح البحث أنّ رسائل النور استلت من مصادر التشريع الأساسية (الكتاب والسنة والإجماع)، وتلخّص دورها في كشف أسرار القرآن الكريم وحقائقه الإيمانية عن طريق الاستنباط، المؤسس لمنهج تربوي وسلوكي وحضاري، ومنظومة معرفية كلية تهدف إلى النهوض بالواقع البشري والكوني على أساس السلام والعدالة والتسامح والخير.
قسّم الباحث كتابه إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، تضمّن الفصل الأول عرض حياة بديع الزمان سعيد النورسي ودراسة مختصرة في مؤلفه (رسائل النور)، وتفرّع عنه مبحثان، خصص الأول لحياة النورسي (1877م-1960م) مسلطاً الضوء على أبرز محطاتها، وحوى الثاني تعريفا عاما بمؤلفات الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي، عرضنا فيه محتوياتها وتسميتها ومصادرها ومقاصدها وأسلوبها.
أما الفصل الثاني فوسمه الباحث بمفهوم الاستنباط من القرآن الكريم وعلاقته بالتفسير والتأويل والاستدلال. أبرز فيه حدودها مستهلا لها بالاستنباط؛ الذي يمثّل أساس المصنّف، وعرّج بعدها على التمييز بين المصطلح المحوري في البحث والمصطلحات الثلاثة المشار إليها، وعلى أساس ما مر تمخض من الفصل ثلاثة مباحث تحتها مطالبها. المبحث الأول: مفهوم الاستنباط لغة واصطلاحاً. المبحث الثاني: مفهوم التفسير والتأويل والاستدلال لغة واصطلاحاً. المبحث الثالث: الفرق بين الاستنباط والتفسير والتأويل والاستدلال.
أورد في الفصل الثالث شروط الاستنباط وطرقه في رسائل النور، لأجل بيان منهج النورسي في الاستنباط من القرآن الكريم على وفق ما قرر في ضوء الشروط الواجب توفرها في المستنبط وفي المعنى المستنبط. وسلك في هذا الفصل طريق الدراسة الجامعة بين المنهج الوصفي والمنهج التحليلي، فذكر الشروط الواجب توفرها في المستنبط والمعنى المستنبط، وتوصيف النورسي واستنباطاته بالشروط المعتبرة مع ذكر أمثلة تبين صحة توفر الشروط بالاعتبارين المذكورين مع دراسة تحليلية للأمثلة، وراعى المصنف في ذكر الأمثلة طريقة انتقائية بعد الدراسة الاستقرائية المسبقة لتحديد ما يلزمه ويتطلبه البحث، فعرض الفصل الثالث في مبحثين، خصص الأول لتحقيق القول في شروط الاستنباط من القرآن الكريم في رسائل النور، أما الثاني فأفرده لطرق الاستنباط في رسائل النور. خصص الفصل الرابع والأخير لبيان أقسام الاستنباط من القرآن الكريم في رسائل النور، وتفرعت إلى أنواع كثيرة من اعتبارين اثنين، جاء الأول باعتبار المعنى المستنبط وله قسمان، القسم الأول منهما ينظر إلى الموضوع أو العلم الذي جاء الاستنباط على أساسه، والقسم الثاني ينظر إلى المعنى الكلي والمعنى الجزئي. وأما الثاني فكان مقسماً على أساس النص القرآني على قسمين، جاء الأول منهما بالنظر إلى الظهور والخفاء في النص القرآني. والثاني بالنظر إلى الإفراد والتركيب في النص القرآني. وقد نهج في هذا الفصل ما سلكه في الفصل الثالث، فجمع بين المنهجين الوصفي والتحليلي ومعتمداً على الاستقراء المسبق وفرز كل قسم على حدة مع ذكر الأمثلة التطبيقية من رسائل النور بما يتناسب تماماً مع الموضوع الممثل له، مما يسترعي التدقيق والقراءة المتفحصة لكل ما ورد في رسائل النور من استنباطات لا يذكر النورسي نوعها ولا قسمها ولا موضوعها، إذ يكتفي بذكر ما تجود به قريحته في هذه الآية أو تلك، وبناء عليه قسّم الفصل الرابع إلى مبحثين، اشتمل الأول بيان أقسام الاستنباط باعتبار المعنى المستنبط في رسائل النور، وحوى الثاني أقسام الاستنباط باعتبار النص القرآني في رسائل النور.
أتحفنا المؤلّف بخاتمة مصنفه والنتائج التي خلص إليها، مشيرا فيها إلى التفاصيل ما انتهى إليها من نتائج تؤكّد على أهمية الاستنباط وضرورة التركيز على شروطه وآلياته، وقد كانت رسائل النور أنموذجا تطبيقيا ثرا في التدريب على التدبّر والاستنباط كما جلاه هذا المصنف الذي هو في الأصل أطروحة تقدّم بها لقسم علوم القرآن بكلية الآداب بالجامعة العراقية، وقد نوقشت من قبل ثلّة من العلماء يوم الأحد 3/6/2012.
* * *