الإصدارات

قراءة في كتاب:

مدخل إلى سعيد النورسي ومؤلفاته... كتاب في طريقه للطبع.

الكتاب: مدخل إلى سعيد النورسي ومؤلفاته.
تأليف: أ.د. إيان ماركهام (عميد المدرسة اللاهوتية بفرجينيا - أمريكا).
دار النشر: مجموعة النشر أشجات - الولايات المتحدة الأمريكية.
الطبعة: الأولى “أبريل 2011”.

يركّز الباحث الغربي عادة، على الشق الديني والعقدي وأنظمة تفكيرهم لدى دراسة المتدينين وعلماء العقائد من النصارى، ، بينما يتجاهل هذا لدى التعامل مع المفكرين المسلمين المعاصرين، فيركّز الجهد على حياة المفكّر من منظور اجتماعي، ويهمل الشق الديني والعقدي، لهذا يُعَد هذا الكتاب نقلة نوعية في الدراسات الغربية، وهو ضمن سلسلة شاملة وفق ما ألمحنا إليه.

تقدم هذه السلسلة تعريفا بمؤلفات المفكرين المسلمين الفاعلين وإنجاز دراسات شاملة عن جهودهم، من خلال الجمع بين أساس الفكر وغناه وعمقه.

ألّف الكتاب باللغة الإنجليزية، وعرض في مدخل وأربعة فصول، وعرض المدخل نبذة من سيرة الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي؛ مركّزا على ما عايشه من تغيّرات دينية وسياسية واجتماعية وثقافية في العهد العثماني، والتغيرات التي واكبت ظهور الجمهورية، تيسّر هذه الوقفات فهم الواقع الذي ألّفت رسائل النور، انتقل بعدها المؤلف إلى تعريف ببعض المصطلحات الإسلامية ذات الصلة بفكرة الكتاب، ولاسيما مسالك الاستمداد من القرآن الكريم في إثبات وجوب وجود الله سبحانه وتعالى ووحدانيته، مما جعلها فرصة للتعريف الشامل بالقرآن الكريم، كما كانت له وقفات مع المعنويات والاختلاف ومقاربة التعددية، من خلال تحليل مختارات من مؤلفات رسائل النور، لأجل الاستدلال بها على ما أورده في هذا السياق.

وضمّن الفصل الأول التعريف بأفكار سعيد النورسي في فترة سعيد القديم ثمّ تحوّله إلى سعيد الجديد، كما كانت له إشارات إلى تفسيره للقرآن ونظرته للغرب والسياسة بشكل عام.

وعرض في الفصل الثاني، رسائل النور والحركة النورية والعمل الإيجابي بوصفه فكرة نورية بامتياز، وهي التي كان باعثا على إشاعة ثقافة الحوار مع المناوئين والموافقين في الداخل والخارج على حدّ سواء، فاتّسمت علاقاته بالهدوء، كما اشتمل على الإشارة إلى تطبيقات ثقافة العمل الإيجابي وتطبيقاتها على العلاقة بالغرب، وهو الجو المثالي لبعث تجليات عملية التسامح، ويعد هذا الفصل مدخلا هاما للتقرب من فكر رسائل النور للمفكر الإسلامي المعاصر بديع الزمان سعيد النورسي.

فرّع المؤلف الفصل الثالث على ثلاثة أقسام، وهي:

القسم الأول: الفرق بين المؤمنين وغيرهم، وأشار في السياق نفسه إلى المعرّفات الثلاثة التي تعرفنا بخالقنا: القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم وكتاب الكون، ركّز بعدها على كتاب الكائنات، من خلال تحليل رسالة “الآية الكبرى”، وتناول من خلالها مواضيع: التوحيد والأحدية والشؤون الإلهية “أحدية الله تعالى وأفعاله”. وعرض في القسم الثاني التعريف بالنبوة ووجوبها وأسسها، ومقارنة الوحي بالفلسفة، ونفي فعل الطبيعة وإثبات خلق الله للكون، وخصّص القسم الثالث لمبحث الآخرة، واستقى المؤلف مادة القسم من رسالة الحشر “الكلمة العاشرة من رسائل النور”، وكانت له بهذا الصدد وقفات مع مصطلح الحشر وأن الحشر جسماني، واستدلال الأستاذ على الحشر بالخلق والحشر الدائمين والمشاهدين بشكل يومي وفصلي وموسمي “الشروق والغروب، وتبدل الكائنات، وتوالي الفصول وتغير المواسم...”؛ فضلا عن كون الحشر من تجليات اسم الباقي واسم الحي والمميت.

وذكر في الفصل الرابع العدالة والعبادة ومركز الأسماء الحسنى وحاجة الإنسان إليها، وبيّن في هذا المقام طبيعة العبودية وأهميتها وغايتها، واستفاد مادة الفصل من الخطبة الشامية.

يُعَد الكتاب لبنة في تطوير الحوار بين أهل الأديان السماوية، لما اتسم به المؤلَّف من عرض غير متحامل على الإسلام بالرغم من نصرانية مؤلفه، وقد استعان المصنف في تأليف كتابه بطالبة الدكتوراه “سوإندام برنجي”، خصوصا فيما يتعلق بالمواضيع الإسلامية المستمدة من رسائل النور، وخاصة التوحيد والنبوة والحشر وغيرها ونظرة الإسلام إليها.

وذكر “د. كافني دكوستا” من جامعة “بريستول” بإنجلترا وهو عميد كلية الإلهيات بها وراهب في الوقت نفسه بإحدى كنائس المدينة، أنّ الكاتب “لان ماركهام” ومساعدته طالبة الدكتوراه “سوإندام برنجي” أنهما من المهتمين بفكر سعيد النورسي ورسائل النور، وأن فكرة الكتاب في حد ذاتها فكرة رائعة من حيث إنها دراسة شاملة حول أحد المفكرين المعاصرين في القرن العشرين، وكانت كتابتهما عنه متميّزة، يضيف “د. كافني دكوستا”، وتعكس كتابتهم عنه حياته المليئة بالأحداث التي شكلت تاريخ تركيا، وصورة عن نماذج من أفكاره العميقة، وانتهى إلى القول بأنّه متيقن من أنهما سيكتبان حول سعيد النورسي ونظرته للقرآن الشاملة ورؤيته لكتاب الكائنات وتفكره العميق فيه، وما كتب من أفكار عن المسائل الروحية والتعددية من خلال القرآن، لهذا عُدَّت مساهماته فريدة من نوعها تأصيلا ومضمونا.

أما “د. جون سميث” وهو عضو هيئة التدريس من جامعة هارفورد بالولايات المتحدة الأمريكية فعلّق على هذا الكتاب بقوله: “هذا الكتاب مهم وفريد من نوعه، وأنا متيقن من أنه سيضيف إضافات نوعية كبيرة لفهم الإسلام من طرف الغرب، وسيعرف بالعالم المسلم في العصر الحديث باعتباره عالما معاصرا ومفكرا ومجددا كبيرا، وسيقدم أعماله مباشرة للقراء دون تدخل فيها، كما سيساهم الكتاب في التعريف بشخصية سعيد النورسي بشكل جيد على نحو أوسع.”

المؤلف في سطور: الأستاذ الدكتور “لان ماركهام” عضو هيئة التدريس من كلية الإلهيات وعميد المدرسة اللاهوتية بفرجينيا، وفي نفس الوقت هو راهب في كنيسة “إبسكوبال”. ألّف مجموعة من الكتب ومنها: فهم العقيدة المسيحية “بلاك ويل: 2007”، قارئ ديانات العالم “بلاك ويل: 2000”، ماذا تعني الأخلاق؟ “بلاك ويل 2006”، العولمة والأخلاق والإسلام “2005”، الولاء لللاهوتية “بلاك ويل: 2004”، 11 سبتمبر: المنظورات الدينية والنتائج “2002”، علم الأديان “الثيولوجية” والليبرالية “2002”، المقارنة بين الأديان “بلاك ويل: 1998”، الله؛ الحقيقة والواقع “1998”.

سوإندام برنجي طالبة دكتوراه بجامعة “إكستير” بإنجلترا وهي في الوقت نفسه مُدَرِسَة بــ “مدرسة العلوم الدينية هارفورد” في مجال: “المقارنة بين الإسلام والنصرانية” وهي محررة كتاب “استعراض الدين واللاهوت” الذي قامت بنشره دار النشر “بلاك ويل”.