
كلمة العدد
أ.د. عمار جيدل
يظهر العدد الثامن بعد طول انتظار المتطلعين إلى الفعالية الإيمانية في الروح الباعثة على تعمير الكون بالخير، نعمل متطلعين إلى هذه الروح الوثّابة لتستعيد أمتنا حضورها الذي انتظرته الإنسانية طويلا، وهي على الباب منتظرة عودة وهج الفكرة الدينية الإسلامية حضورها في الضمائر المواكبة لاستردادها في الشعائر والشرائع.
تبنّت المجلة منذ عهدها الأول هذا الخط الأكاديمي الرسالي، وما ترددت في تبنيه لحظة، فكان العدد امتدادا لهذه الروح ومنها يستمد فعاليته، فكان العدد الثامن غنيا بهذه المعاني السامقة، فتضمّن العدد في الدراسات، ما يؤكّد اهتمام النورسي بدفع من الإسلام باستشراف المستقبل من خلال مقال أ.د عبد الكريم عكيوي، في دراسته الموسومة بـ "اعتبار المآل واستشراف المستقبل عند بديع الزمان النورسي"، وتأكيدا لأهم عناصر استعادة المستقبل لصالح الإنسانية، كتب د. بوعزة عبد القادر عن" مشكلة الثقافة والحضارة في العالم الإسلامي من منظور مالك بن نبي..."، المستقبل الذي يوفّق الله إليه كلّ من يتحمّل أعباء السير، ويرى فيه جمالا ماديا ومعنويا، وقد عبّر عنه بصدق أ.د.عبد الله البخاري في بحثه الموسوم بـ "مظاهر الجمالية في المحن والابتلاءات من خلال سيرة النورسي"، أما الملف فقد اشتمل على دراسات ترتكز على بحث أسرار العبرة والتعبير في رسائل النور، فكان البحث الأول منهج النورسي في شرح أسماء الله الحسنى لـ أ. د. الشفيع الماحي أحمد، بيّن فيه أهمية دراسة شرح أسماء الله الحسنى وفق المسلك التربوي الباعث على استرجاع الروح لفعاليتها في شعاب الحياة، أما الدراسة الثانية لـ أ.د. عزيز محمد عدمان، ففيها كثير من الإشارات المعرفية المؤسسة لبعث قراءة تجديدية لمباحث التكرار، وذلك في بحثه الموسوم بـ "نحو رؤية جديدة للدلالة النفسية لأسلوب التكرار في القرآن الكريم النورسي أنموذجا"، وجال الباحث محمد بكور ببحثه الموسوم بـ "التاريخ عند النورسي دراسة في التمثل والتفسير" في ثنايا قضايا التاريخ كما عرضت في رسائل النور، فكانت الدراسة في استصحاب المعرفة التاريخية في فهم الحاضر واستجلاب الخير فيه والتخطيط المنهجي للمستقبل، وختمت الدراسات ببيان" قواعد وضوابط في تفسير القرآن عند النورسي" أ.د. مشعان سعود عبد، حاول فيه الباحث استخلاص القواعد الضرورية للمفسر كما بدت له في رسائل النور، وضم إليها مجمل ما استخلصه من ضوابط في التفسير من خلال رسائل النور.
استضفنا في هذا العدد شخصية علمية رصينة، لها باعها في الأدب واللغة، ففضلا عن حضورها المبكر في الأدب الإسلامي، فهو أستاذ التعليم العالي في الجامعات الأردنية والسعودية، والمحاضر في كثير من بلاد المسلمين، وزيادة إلى ما سلف فهو من الذين تفرّغوا لرسائل النور تدريسا ومدارسة وتسجيلا صوتيا، لهذا كانت الاستفاضة متعدد الجوانب، حاولنا من خلال الحوار الغوص في أعماق المحاور، لعلّنا نظفر منه بالأصداف التي ينتظرها القارئ العربي بشغف كبير، ولا أريد أن استعجل ففي الحوار بيان ما أشرنا إليه مجملا بهذا الصدد.
عرّفنا في العدد بمختلف النشاطات العلمية التي عقدتها مؤسسة إسطنبول للثقافة والعلوم، منها استضافت الندوتين العلميتين الخامستين للأكاديميين الشباب الإنجليزية والعربية، وقد كانت فرصة سانحة للالتقاء بين باحثين أتوا من كلّ فج عميق وأساتذة تخصصيين جاؤا من مختلف أصقاع العالم خصيصا للخدمة المعرفية والمنهجية والتربوية؛ وعرضنا بهذا وقفة مع ندوات علمية عالمية كانت ناجحة بكلّ المعايير، فندوة الأردن استضافت أسماء لامعة محلية وعربية التقت لأجل تدارس رسائل النور، كما كانت الندوات التي عقدت في الهند مثار إعجاب، ووسيلة فتح كبير للتعريف بالقرآن الكريم ورسائل النور التي تعد تفسيرا عصريا له، وسيلة مهمة للمرافعة عنه في هذا العصر.
أملنا كبير أن يكون العدد في مستوى التطلّعات، فإن كان ذلك فذاك ما نبغي، وإن كان غير ذلك، فننتظر منكم ما يرفع التحدي، ويجعلنا في مستوى تطلعاتكم، وذلك بمساهماتكم المعرفية والمنهجية والدعاء بالتوفيق.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
* * *